الخوصصة تهدد تسريح مئات الالاف من
العمال، و تدهور الخدمات الاجتماعية
تُناضل القوى المدنية و المجتمعية
في المغرب، ضد برامج الدولة التقشفية منذ سنوات طويلة، لم تكن هذه القوى سوى أداءة
لتبلور مشاكل المغاربة و تضعها أمامهم بغية الفهم و الشرح ، أي بمعنى أخر » النعت
إلى مصدر الداء » وساهمت مجموعة من العوامل لتضخ في هذه الحركات قفزات نوعية
غيرت مجرى مسارها، حيث طورته و عملت على توسيع قواعدها، إلى أن هذا لا يعني أن دور
هذه الحركات انتهى بل الأمر يزداد تعقيداً بما أن هذه الحركات تعاني عدة إكراهات
على كلا المستويات وخاصة منهم مُحاربة الدولة لهم بكل ما استطاعت سبيلاً، ضاربة
بعرض الحائط كل قيم الديمقراطية و نصوص الدستورية، وهناك نموذج لإحدى الجمعيات
الشهيرة في المغرب التي تناضل ضد الهجمات النيو-ليبرالية، حيث تعمدت الدولة عدم
منح هذه الجمعية الايداع القانوني ، بالغض النظر عن المضايقات التي يتعرض لها
مناضلي الجمعية، حسب افادت عدد من أعضائها.
ما الخوصصة، إلى أداءة استعمار
جديد
يجرنا الحديث، عن الخوصصة إلى ما
يسمى » بتفويت الخدمات العمومية » البرنامج الذي أعلنت الدولة عن
اطلاقه منذ سنة 1993، تحت ذريعة » تشجيع الاستثمار » ، لم يكن تشجيع
الاستثمار إلى كذبة من أجل تمرير مخططات تقشفية من طرف الدولة، تضرب بها المكتسبات
الشعبية وتجعلها قابلة للبيع و الشراء، بمعنى أضق » تجعلها بضاعة »
حيث ترضي المصالح الاقتصادية العالمية و تُطبق خيارات الرأسماليين عالمين ولطالما
الى يومنا هذا،لاتزال الدولة تستعين ببرامج البنك العالمي و صندوق النقد الدولي،
هذا الذي أدى طبعا إلى تدهور الخدمات الاجتماعية للمغاربة كصحة و التعليم.
استنادا إلى « جمعية أطاك
المغرب » وهي جمعية عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم
الثالث، أن الخوصصة في المغرب تهم
شركات مربحة ولها دور استراتيجي كبير في الاقتصاد المغربي و على سبيل المثال « القطاع
النفطي، الاتصالات، الفلاحة، القطاع المالي، قطاع النقل، صوماكا، شركة التبغ، شركة
الملاحة… » و أيضا لا يتوقف الأمر هنا فقط، بل يتم الإعداد لخوصصة مؤسسات استراتيجية أخرى كالمكتب الوطني للسكك الحديدية و مكتب
استغلال الموانئ وقطاع البريد و المكتب
الشريف للفوسفاط و المكتب الوطني للكهرباء و أيضا الخطوط الملكية الجوية…، و تُشير معطيات التي حصل » موقع
مامفاكينش » عليها إلى أن الخوصصة التي باشرت الدولة بالانفتاح عليها منذ
سنة 1993 إلى سنة 2007 حصدت، خوصصة أزيد من 47 شركة و 26 مؤسسة فندقية عبر 107 عملية خوصصة بلغت مداخيلها الإجمالية
حوالي 101 مليار درهم (منها 87,6 مليار درهم تم
تحقيقها وفق القانون رقم 89-39 المتعلق بالخوصصة و 13.7 مليار درهم تحققت بمقتضى
نصوص خاصة أو بموجب التراخيص الممنوحة في مجال الاتصال)، و منها 35 مليار درهم
لفائدة صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و الباقي لفائدة
الميزانية العامة في ما يصطلح عليه بـ » التوازي المالي « .
كوارث الخوصصة :
الخوصصة في أعين عدد من الخبراء
الاقتصاديين و مُحليين و جمعيات المُختصة و مناضلة، أنها أداءة استعمار جديدة و
تقشف تؤدي الى تدهور حالة فئات عريضة من الشعب و تبقي الشعوب في ديمومة التخلف و
الاستعباد و الجهل، و تحكم على هذه الشعوب بالحرمان و البقاء في دوامة الأمية ،
وللمغرب عدة نتائج تمخضت عن برامج الخوصصة ومنها التسريحات الجماعية التي تزيد من وضعية
البؤس التي توجد فيها الشرائح الكادحة فشركة صوديا وصوجيطا يوجد بها حوالي 10.000 منصب مهددة بالتسريح الجماعي و العزل و ايضا
معامل تكرير السكر، و عدداً من المصانع و المؤسسات و القطاعات الحيوية التي تضعها
الدولة رهن خيار الخوصصة، و يبين الجدول أسفله الصادر عن موقع وزارة المالية في
المغرب مداخيل الخوصصة بالمليار الدرهم إنطلاقاً من سنة 1993 إلى سـنة 2007.
و استنادا لمعطيات » جمعية
أطاك المغرب « ، إن من أكبر عمليات الخوصصة تمثلت في في بيع 35% من رأسمال اتصالات المغرب في
دجنبر 2000 لصالح لشركة فيفاندي بمبلغ 23.34 مليار درهم، و80% من رأسمال شركة التبغ
في فبراير 2003 لمجموعة أطلاديس بمبلغ 14.08 مليار درهم. و المغرب تماشيا مع متطلبات منظمة التجارة
العالمية إزاءالاتفاق العام حول
تجارة الخدمات، تم تكييف مقتضيات الميثاق الجماعي حيث منحت للجماعات المحلية
صلاحيات تفويت« عبر ما يسمى بالتدبير المفوض« الخدمات العمومية وهناك عدة نماذج لذلك انطلاقا من توزيع الماء والكهرباء و جمع
النفايات المنزلية إلى النقل الحضري….الخ للشركات متعددة
الجنسيات.
مباشرة بعد هذه الهجمة النيو-ليبرالية التي تخضع لمنطق الربح و الاستعمار
العصري، تباشر و من قبله، جمعيات وقوى مناضلة تُعد على رؤؤس الأصابع ( تباشر )
النضال ضمن فئات عريضة من الشعب ضد هذه الاداءة التي تحتاج في نظر هذه الجمعيات
الى التثقيف المواطنين بخطر تبعيتها و خطورتها على مستقبل المغاربة، وتكييفهم على
مواجهة أخطار هذه الهجمات ، ومن جهتها ترى جمعية أطاك المغرب ضمن خطوطها العريضة
أن تفويت الخدمات العمومية يخضع
للمنطق النيو- لبيرالي الذي يقوم على ضرب مبدأ التعاضد الاجتماعي والمساواة في
الاستفادة من الخدمات وتعويضه بمبدأ الربح وربط الاستفادة من الخدمات بالقدرة على
الأداء. ومرة أخرى يؤدي المواطنون الثمن من خلال تدهور نوعية الخدمات المقدمة
وارتفاع أسعارها، و من هذا المنطلق ترى القوى المناضلة أن النضال يتجسد في تأكييد على الطابع العمومي لهذه الخدمات وتناضل
» أطاك المغرب » ضد إدخال منطق الربح الذي سيضرب في العمق إحدى الحقوق
الإنسانية الأساسية.
0 التعليقات