أمام خطابات الإصلاح الديمقراطي و
العدالة القضائية، تتفجر بين الفينة و الأخرى فضيحة مدوية، تكشف زيف شعارات الدولة
و تجعلها في كل مرة أمام أسئلة عميقة و مباشرة تتطلب إجابات صريحة. مناسبة الكلام،
الفضيحة المدوية التي صدمت الرأي العام محليا و وطنيا، و تتعلق بقرار محكمة
الاستئناف بمدينة أسفي (وسط/ غرب البلاد)، بإطلاق سراح عصابة خطيرة تخصصت في سرقة
و اختطاف و ترويع الفتيات باستعمال السيارات، و تتكون العصابة من أبناء نافذين و
أثرياء و أبناء مسؤولين قضائيين.
و هو القرار الذي خلف استياء عارما في صفوف سكان
المدينة، ففي وقت كان يتوجب فيه حرص السلطة القضائية على استتباب العدالة و السير السليم
للقضاء و تطبيق القانون حماية و صونا لحقوق المواطن و منها حقه في ضمان سلامته
الجسدية و أمنه، و هو ما يستوجب في مثل هذه الحالات و كما هو معمول فيه في البلدان
الديمقراطية، محاكمة المتهمين في حالة اعتقال خاصة بعد التعرف عليهم من قبل
الضحايا. فان هذه القضية و بعد قضايا أخرى مماثل استغل فيها بشكل فاضح امتيازات
النفوذ الإداري و السياسي و المالي و هو شيء معتاد في قضاء هذا البلد الذي يعاني
الفساد و انعدام الاستقلالية، فمازال الجميع يتذكر كيف قام القضاء ألاستئنافي
بتبريء ابن أمين عام حزب الاستقلال و القيادي النقابي "حميد شباط"، من
تهمة ترويج المخدرات، بعد إدانته بثلاث سنوات سجنا من طرف المحكمة الابتدائية
بمدينة فاس، حيث أقام والده النافذ الدنيا و أقعدها موظفا قاعات مقر النقابة و
الحزب في حشد الأتباع و إلقاء الخطابات و تجنيد الأنصار و كل ما كان من شأنه
التأثير على سير المحاكمة، أمام التزام وزير العدل و الحريات بدور المتفرج، بدلا
من تفعيل مسؤولياته القانونية في ضمان سير عدالة القضية التي تهم مصلحة وطن
بأكمله. فان قضية سراح عصابة آسفي و نظرا لخطورة التهم المتعلقة بها، فانه من
الواجب على كل الهيئات و المؤسسات الحقوقية و الرسمية المعنية الوقوف إلى جانب
ضمان حق ضحايا هذا الفعل الإجرامي المتنامي في المغرب، و الذي يجد في الفساد المنتشر
في بعض جوانب السلطة و دوائر الأمن، مرتعا مشجعا على ارتكاب سلوكات معادية
لسلم المجتمع و مخالفة للقانون، خاصة أن الأمر هذه المرة يتعلق بفتيات كان من
الممكن لولا لطف القدر، أن تتعرضن لجرائم اغتصاب.
0 التعليقات