صدر يوم السبت 17 نوفمبر العدد الأول من
جريدة "الأخبار" للصحفي رشيد نيني الذي سبق أن حكم عليه بالسجن و قضى فيه 366 يوما بسبب انتقاداته لبعض الشخصيات
النافذة في جهاز السلطة، وقد اختار صورة الهدهد كرمز للجريدة مصحوبة بعبارة "نأتيكم بالخبر اليقين"
و التي كتبت مباشرة تحت إسم الجريدة تعبيرا عن خطها التحريري الذي يقول أنه سيلزم المصداقية
و تحري الخبر قبل النشر، و قد طبع من عددها الأول مائة ألف نسخة ، يقول رشيد نيني عن اختيار رمز الهدهد :
"في الوقت الذي تختار فيه بعض الجرائد رمز الصقر أو النسر دلالة على السلطة و
القوة، وتختار أخرى الديك دلالة على الاستيقاظ المبكر، اخترنا نحن في الأخبار رمز الهدهد
دلالة على الأمانة في نقل النبأ اليقين من مصدره"، و قد سبق للفنان الساخر أحمد
السنونسي المعروف ب "بزيز" و الذي اشتهر بمواقفه السياسية المعارضة، أن أسس
جريدة باسم الهدهد قبل 20 سنة، و قال فيه أنه أول مراسل صحافي في التاريخ استطاع نقل
خبر وجود الملكة سبأ إلى سيدنا النبي و الملك سليمان عليه السلام، و جاء في الافتتاحية
الأولى التي كتبها رشيد نيني : " إن رمزية هذا الطائر (الهدهد) تختزل بدقة فلسفة
و توجه الخط التحريري ل(الأخبار)، فهي جريدة متخصصة في التنقيب عن الخبر و التحقق من
صحته و نشره ثم عرضه على مشرحة التحليل، و لهذا سيكون همنا الأساسي في هذه الجريدة
هو توفير مادة خبرية للقارئ تحترم ذكاءه و تستجيب لتطلعاته و تشفي عطشه إلى المعرفة
بكل صنوفها". و قد أكد نيني من خلال ظهوره على قناة الجزيرة، تشبث جريدته الجديدة
بالاستقلالية في خطها التحريري، و أنها لن تكون محايدة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن
الحق في العيش بكرامة و التنقل بحرية و العدل عند القاضي. و مثلما هو معروف لدى الإعلاميين
و القراء المغاربة، أن الجرائد التي سبق أن كتب فيها رشيد نيني كتاباته تقرأ عادة من
الخلف عكس باقي الجرائد، لأن نيني يحرص على اختيار الصفحة الأخيرة لعموده الشهير المعنون
ب "شوف تشوف"، و الذي استأثر باهتمام عدد كبير جدا من القراء منذ أول ظهور
له على الصفحة الأخيرة بجريدة "الصباح" المغربية، قبل أن ينفصل عنها بسبب
خلافات ليؤسس جريدته الخاصة حملت إسم المساء في سبتمبر 2006 و حققت في ظرف وجيز رقم
قياسي في حجم المبيعات اليومية، إلى أن اعتقل يوم الخميس 28 إبريل 2011 بأمر من النيابة
العامة، لتتوقف كتاباته على العمود و يوشح باللون الأسود حدادا على حرية أحد أبرز الصحفيين
بالمغرب و العالم العربي، لتتحول بعد ذلك و هو داخل السجن بعد محاكمته بالقانون الجنائي
ملكية الجريدة التي كانت تلاحقها غرامات مالية وصفت بالضخمة بسبب بعض الأحكام القضائية
إلى المليونير و المخرج المغربي المشهور محمد العسلي، و بعد تنقل بين تجربتين إعلاميتين هما جريدتي
الصباح و المساء يستقر عمود "شوف تشوف" الذي أصبح منبرا لحرية التعبير و
للنقد الذاتي لأوضاع البلد و للدولة الرسمية بكل تجلياتها و تناقضاتها و لتصرفات رجالاتها
مهما بلغت درجة نفوذهم في سلم السلطة و لم يسلم من قلمه السليط حتى محيط الملك و خاصة
البروتوكول المخزني الذي رأى فيه أنه مجحف في حق الحداثة و يكرس مظاهر العبودية، ليظهر
ذات العمود من جديد و أيضا في الصفحة الأخيرة من العدد الأول لجريدة "الأخبار"
بعنوانين بارزين للمقالة، عنوان رئيسي : "يوميات السجن" و عنوان ثانوي
خاص بالحلقة الأولى من اليوميات : "الناموس"، يحكي فيها الأيام الأخيرة
قبيل اعتقاله و عن الغذاء الأخير له بالمطعم في اليوم الذي صادف الحادث الإرهابي الذي
تعرضت له مقهى أركانة بمراكش، قبل تنفيذ المؤامرة في حقه و التي يقول بأنه كان يستشعر
حدوثها قبل شهر من ذلك، حيث تم استدعاءه هاتفيا من طرف فرقة التفتيش المالي بالدار
البيضاء، ليتخذ الموضوع منحى آخر كانت نهايته زنزانة انفرادية خلف قضبان حديدية سميكة،
و ربما صدئة، و عزلة ثم حرمان من جل أصناف الحرية و منها حرية التعبير عن رأيه بعدما
فرض عليه حصار إعلامي في البداية حين منع من الحصول على أقلام للكتابة و الصحف، و لم ينسى نيني أن يوجه من خلال عموده الشكر لكل من ساندوه و تضامنوا
معه في محنته من هيئت حقوقية و مجتمع مدني و مواطنين و في المقدمة هيئة محامي الدفاع
التي ترافعت عنه في المحكمة و قد ضمت 800 محامي، و هو أمر يؤكد بما لا يترك الشك في
مدا إيمان الجهاز الحقوقي بالمغرب بقداسة الحرية عامة و حرية التعبير عن الرأي خاصة، و قد سبق لمجلس نقابة المحامين أن دعا كل فروعه و أعضاءه للمساهمة في
الحراك الشعبي الذي تدعوا إليه و تؤطره حركة العشرين من فبراير و دعمهم لها باعتبارها
حركة تدعوا إلى إحقاق العدالة و استقلال القضاء و تحصين الحريات و شاطرته هذا الدعم
العديد من الجمعيات و الهيئات المهتمة بمجال حقوق الإنسان
نبيل بكاني
0 التعليقات