العنصرية حتى في وزارة الخارجية

 هذا الصباح، و أنا أنتظر دوري ضمن الطابور داخل الفضاء الخارجي لملحقة وزارة الخارجية بحي حسان بالعاصمة الرباط قصد تسوية بعض الوثائق. كل شيء عادي و لا شيء يدعو إلى الارتباك، فجميع الموظفين ينفذون مهامهم بكل جدية و انضباط، و المكلفون بالأمن أيضا يقومون بدورهم في توجيه المراجعين و تنظيم دخولهم إلى قاعات الاستقبال في جو من الاحترام و لا يتأخرون في إرشاد السائلين بلباقة و احترام. إلى حين خروج أحد المكلفين بالأمن داخل التمثيلية الوزارية، و بينما شرع في عملية ترتيب الولوج حسب دور كل واحد بعد مده بتكيت يحمل رقما تراتبيا، حيث يختار عشرة من كل الجنسين حسب ترتيبهم في الطابور، و كانت هناك فتاة افريقية "ملونة"،
يبدو أنها وقعت ضحية خطأ اعتيادي سبق لأشخاص كثر أن وقعوا في مثله، خاصة الذين لم يسبق لهم زيارة المكان من قبل، بعد أن عرفت الفتاة من رجل الأمن أن عليها أن تتوجه إلى ملحقة أخرى بالمدينة، و لكي تعتذر إليه بطريقتها، حاولت مد التكيت الذي بيدها إلى الفتاة التي سيمكنها الالتحاق بالمجموعة المختارة للولوج إلى داخل الملحقة. و رغم أن رجل أمن و باقي الموظفين، و كما عهدتهم في كل المرات المتباعدة و المتفرقة التي كنت أرتاد فيها هذا المرفق، بمعاملتهم الحسنة للمراجعين الذي يترددون على المكان لقضاء أغراضهم الإدارية، و ربما هذا السلوك الذي بدأنا نلمسه في الإدارة المغربية التي حاولت الأجهزة الحكومية ضبط أساليب التعامل و التواصل بداخلها مع المواطن، جعل الوضع أفضل مما كان عليه قبل موعد 2011 الذي دفع بقوة الحراك الاجتماعي المغربي إلى فرض نظام جديد داخل المؤسسات العمومية مكن إلى حد ملموس احترام المواطن. إلا أن هذا الوضع و إن كانت له حسنات كثيرة، ربما لم يكن المغربي البسيط ينتظرها قبل الموعد المذكور، إلا أنه لن يكون دون تداعيات، خاصة داخل مجتمع لم يتفتح على تعاليم الديمقراطية بمفاهيمها الإنسانية الأممية و الكونية، ليتحول هذا المواطن من ضحية احتقار و استهانة من طرف المسؤولين الحكوميين و موظفيهم، إلى شخص يمارس الاحتقار و التهجن بدوره، خاصة على فئة الأفارقة المقيمين بالمغرب، أو الفئة المنبوذة. و هذا بالضبط ما سأنتبه له من خلال رد فعل رجل الأمن الذي "استحقر" العمل الذي قامت به الفتاة الإفريقية الملونة (أعتذر إن قلت سوداء البشرة). فبعد أن انتزع منها التكيت بكلمات استعلائية، و بينما كان يتعامل مع الآخرين المغاربة بلباقة، فان سلوكه نحو الفتاة تحول فجأة إلى شكل من التهريج و السخرية منها، بإشارة  بيده توحي بأن الفتاة مجنونة أو مصابة بخلل في عقلها، و هو ما أثار ضحك الكثير من الحاضرين و كأنهم استحسنوا ما قام الأمني به، و للأسف فجل المتواجدين هم أيضا من المقيمين المغاربة بأوربا، و هذا يكشف حالة تناقض عميقة في هذا المجتمع الذي بدأت تتزايد فيه ظاهرة العنصرية المقيتة، بشكل خطير، تجاه الأفارقة المقيمين على هذه الأرض، و لم يستثنى من عدواها حتى أولئك المغاربة المقيمين في بلدان الغربة و الذين هم الآخرون ظلوا لزمن ضحايا عنصرية يومية في البلدان المضيفة لهم.
ط§ظ„طھطµظ†ظٹظپط§طھ :

0 التعليقات