بن كيران، الأرجوز (الدمية المتحركة) الذي منحته الديمقراطية مشروعية الحكم
لتسيير شؤون البلد، باعتباره رئيس الحكومة المنتخبة التي تستمد من الشعب سلطة
الحكم و التدبير، بينما سلبه الدستور جل الصلاحيات الضرورية لممارسة مهمته رفقة
وزراءه في الحكومة. بن كيران مجرد من السلطة و لا يملك أدوات التسيير ليطبق برامجه
و قراراته، و أمام كل محاولة يقودها في مواجهة الفساد و المتسببين فيه، أو عند
الرغبة في تنفيذ أي قرار يمس أصحاب النفوذ،
تجده قد استسلم للأمر الواقع و رضخ أمام أولئك الذين هدد و وعد
و توعد، قبل تسلمه مفاتيح الحكومة، بتجريدهم من حصاناتهم التي يتخفون وراءها و
وضعهم أمام سلطة القانون التي تعلو و لا يعلى عليها. هكذا، و بعد أن غلبه اليأس
سريعا من منازلة من هم أقوى منه، و بعد أن استفاق من وهمه، و أمام الأزمة المالية
الداخلية، و حين عجز عن استرداد الأموال المنهوبة و بعد تراجعه مرغما عن تنفيذ أي
قرارات تهم مساهمات ضريبية على أصحاب الثروات، لم يتبقى أمامه و قد بلغت خزائن
الدولة، في عهده لأسباب عديدة، مبلغ الإفلاس، إلا المواطن الضعيف الذي لا يجد من
يحميه، لا الدستور الممنوح و لا المؤسسات الحكومية المتآمرة عليه، لينهك كاهله
المكسور، بالضرائب و الزيادات في الأسعار. هكذا، و بعد أن اكتشف حقيقة ضعفه و
تفاهة قدره،
و بعد فترة سنتين في حكومة الواجهة، و لأجل استجداء عطف القصر الذي
بدأ يرى في تقربه منه بر الأمان من طمع أحزاب المعارضة البرلمانية - علما أن في
المغرب معارضتين، معارضة انتهازية داخل البرلمان، و أخرى رافضة لأي لعبة سياسية
ضمن دستور ممنوح مفصل بمقاصات- تحول إلى مجرد أرجوز يأتمر بأمر القصر الذي يحركه
كيفما يشاء و متى شاء، و يجعل منه الزجاجة الأمامية الواقية من هبات الفصول.
0 التعليقات